فترة الامتحانات، تلك المرحلة الدقيقة التي تمر بها كل أسرة، تمثل منعطفًا هامًا في حياة الأبناء.. حيث تتصاعد وتيرة الضغوط النفسية وتشتد مشاعر التوتر والقلق التي تثقل كاهل الطلاب. وفي هذا السياق.. يؤكد الدكتور ممدوح الدوسري، الخبير التربوي ومستشار العلاقات الأسرية، على الدور المحوري الذي يلعبه الأهل في معونة أبنائهم لعبور هذه الفترة بسلام.. محافظين على صحتهم النفسية ومتسلحين بالثقة والنجاح.
التشجيع
ويستطرد الدكتور ممدوح الدوسري قائلًا: “يتعين على الأهل في هذه الأوقات العصيبة أن يهيئوا في منازلهم ملاذًا آمنًا يسوده الهدوء والسكينة، خاصة في ساعات الاستذكار والمراجعة، وذلك عبر تقليل كل ما من شأنه أن يشتت الانتباه أو يثير الضوضاء، مع توفير ركن مريح ومجهز جيدًا للدراسة.
فالكلمات الطيبة والتشجيع الصادق تمتلك قوة سحرية في التأثير على أرواح الأبناء، لذا فمن الضروري أن يعبر الأهل عن إيمانهم الراسخ بقدراتهم وأن يشيروا إلى كل تقدم يحرزونه، مهما بدا بسيطًا.. مع الابتعاد كل البعد عن الانتقادات الجارحة أو المقارنات التي لا تجدي نفعًا بل قد تزرع بذور الإحباط. وعوضًا عن التركيز المطلق على النتائج النهائية.
يجدر بالأهل أن يقدروا الجهد المضني الذي يبذله الأبناء في رحلتهم الدراسية. وأن يثنوا على التزامهم وتنظيمهم لوقتهم ومذاكرتهم بجد واجتهاد، الأمر الذي يرسخ في نفوسهم قيمة العمل والمثابرة كغاية أسمى من مجرد الحصول على علامة معينة.
كما يشدد الدكتور الدوسري على ضرورة أن يكون الأهل على وعي تام بالضغوط النفسية التي يعاني منها الأبناء خلال فترة الامتحانات، وأن يبدوا تفهمًا عميقًا لمشاعرهم وقلقهم. وأن يصغوا إليهم بإنصات ويناقشوا مخاوفهم ورويدًا. كما أن تقديم الدعم العملي يأتي في صميم دور الأهل، وذلك من خلال مساعدتهم في تنظيم جدول مذاكرتهم.. كذلك توفير كل ما يلزمهم من أدوات ومراجع.. والحرص على حصولهم على قسط وافر من النوم الهانئ والتغذية الصحية المتوازنة.
فترات راحة
فالدراسة المتواصلة دون فترات استراحة قد تستنزف طاقتهم وتورثهم الملل.. لذا يُنصح بتشجيعهم على أخذ فترات نقاهة قصيرة يمارسون فيها أنشطة مبهجة وغير مرهقة لتجديد نشاطهم.
علاوة إلى ذلك.. فإن الحفاظ على روتين يومي منتظم، يشمل أوقاتًا محددة للنوم والاستيقاظ وتناول الوجبات. يسهم في تنظيم طاقة الجسم والعقل، كما يعزز قدرتهم على التركيز والاستيعاب بكفاءة أعلى.
كذلك ينبه الدكتور الدوسري الأهل إلى أهمية أن يكونوا واقعيين في توقعاتهم وأن يتجنبوا فرض ضغوط مفرطة على الأبناء لتحقيق نتائج مثالية، الأمر الذي قد يفضي إلى شعورهم بالإحباط والفشل. وفي المقابل.. فإن تذكير الأبناء بنجاحاتهم السابقة ونقاط قوتهم يعمل على تعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على تخطي التحديات.
ولا يغفل الدكتور الدوسري أهمية الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة وصادقة مع الأبناء.. مما يتيح لهم التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم بحرية، ويسهل على الأهل تقديم الدعم اللازم في الوقت المناسب.
وفي الختام.. يؤكد الدكتور ممدوح الدوسري على أن الهدف الأسمى في فترة الامتحانات يجب أن يتمحور حول الحفاظ على سلامة الأبناء النفسية.. كذلك تعزيز إيمانهم بقدراتهم وإمكانياتهم في التعلم والنمو.. بصرف النظر عن نتائج الاختبارات. فالدعم الصادق والتفهم العميق والحب غير المشروط من الأهل يمثل أقوى سند يمكن أن يستند إليه الأبناء في هذه المرحلة الهامة من حياتهم.. وشدد على أهمية عدم تركيز الأباء على نتائج الامتحانات السابقة؛ بعد أن ينتهي منه الأبن.. بل يركز على الامتحانات القادمة.