الخوف عند الأطفال.. كيف نفهمه ونتعامل معه؟ دكتور ممدوح الدوسري يجيب
بقلم دكتور ممدوح الدوسري
أنتم مرآة لأبنائكم.. كل يراه ويتعلمه عندكم يخرجه لغيركم.. وهذا حصاد ما زرعتم
الخوف شعور طبيعي يمر به كل طفل في مراحل نموه المختلفة. إنه آلية دفاعية تساعد الطفل على تجنب المخاطر وحماية نفسه. ومع ذلك، قد يتحول الخوف إلى مشكلة إذا كان مفرطاً أو استمر لفترة طويلة، مما يؤثر سلباً على حياة الطفل وتطوره.
مراحل الخوف عند الأطفال.. رحلة النمو والخوف
الخوف شعور طبيعي يرافق الإنسان منذ الطفولة المبكرة، وهو جزء لا يتجزأ من عملية النمو والتطور. يمر الأطفال بمراحل مختلفة من الخوف تتغير وتتطور مع تقدمهم في العمر. هذه المراحل تعكس تطور فهمهم للعالم من حولهم وقدرتهم على التعامل مع التحديات والمخاطر.
1. الرضع.. عالم مليء بالمفاجآت
في الأشهر الأولى من حياة الطفل، يكون عالمه مليئًا بالمفاجآت والأشياء غير المألوفة. يفتقر الرضع إلى القدرة على فهم وتفسير ما يحدث حولهم، مما يجعلهم يشعرون بالخوف من الأصوات العالية المفاجئة والحركات المفاجئة التي قد تهدد استقرارهم. كما أنهم يخافون من السقوط والشعور بعدم الأمان.
2. الأطفال الصغار.. الخيال يتجسد في مخاوف
مع تطور خيال الطفل وقدرته على التفكير الرمزي، تبدأ مخاوفه في اتخاذ أشكال جديدة. يصبح الظلام مكانًا مليئًا بالوحوش والشخصيات الخيالية المخيفة. كما أنهم يخافون من الأماكن المرتفعة والأصوات العالية التي قد تهدد عالمهم الصغير. في هذه المرحلة، يجد الطفل صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال، مما يجعل هذه المخاوف حقيقية جدًا بالنسبة لهم.
3. الأطفال في سن المدرسة.. العالم يتسع والمخاوف تتنوع
مع دخول الطفل إلى المدرسة، يتسع عالمه الاجتماعي والأكاديمي. يصبح الفشل في الدراسة والأداء غير الجيد في الاختبارات مصدرًا للقلق والخوف. كما أنهم يبدأون في فهم العالم بشكل أوسع، مما يجعلهم يخافون من الأحداث المخيفة التي قد يشاهدونها في التلفزيون أو يسمعون بها من الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، يبدأون في تطوير وعي أكبر بأجسادهم وصحتهم، مما قد يجعلهم يخافون من المرض والموت.
4. المراهقون.. ضغوط اجتماعية وتحديات المستقبل
في مرحلة المراهقة، يواجه الشباب تحديات جديدة تتعلق بالهوية والاستقلالية والعلاقات الاجتماعية. يصبح الرفض الاجتماعي من الأقران والمستقبل المجهول مصدرًا للقلق والخوف. كما أنهم يواجهون ضغوطًا كبيرة تتعلق بالمظهر الجسدي والتوقعات المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك، يبدأون في التفكير بشكل أكثر تجريدًا حول العالم ومكانهم فيه، مما قد يزيد من قلقهم بشأن المستقبل.
كيف يتعامل الآباء مع خوف الطفل؟
- فهم طبيعة الخوف: يجب على الآباء أن يدركوا أن الخوف شعور طبيعي، وأن الطفل لا يتعمد إظهار الخوف.
- الاستماع إلى الطفل: يجب على الآباء الاستماع إلى مخاوف الطفل بجدية واهتمام، وعدم الاستهانة بها.
- تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره: يجب على الآباء تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بحرية، سواء كانت بالكلمات أو بالرسم أو باللعب.
- تجنب السخرية والاستهزاء: يجب على الآباء تجنب السخرية والاستهزاء بمخاوف الطفل، لأن ذلك يزيد من خوفه وقلقه.
- توفير الدعم والحنان: يجب على الآباء توفير الدعم والحنان للطفل، وطمأنته بأنه آمن ومحبوب.
- مساعدة الطفل على مواجهة الخوف: يجب على الآباء مساعدة الطفل على مواجهة الخوف تدريجياً، عن طريق تعريضه للموقف المخيف بشكل تدريجي.
- البحث عن مساعدة متخصصة: إذا كان الخوف شديداً أو مستمراً، يجب على الآباء البحث عن مساعدة متخصصة من طبيب نفسي أو معالج سلوكي.
نصائح للآباء
- خلق بيئة آمنة ومستقرة: يجب على الآباء خلق بيئة آمنة ومستقرة للطفل، يشعر فيها بالأمان والحب.
- تعليم الطفل مهارات التأقلم: يجب على الآباء تعليم الطفل مهارات التأقلم مع الخوف، مثل التنفس العميق والاسترخاء.
- القدوة الحسنة: يجب على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة للطفل في التعامل مع الخوف، وأن يظهروا له كيف يتغلبون على مخاوفهم.
- الصبر والتحمل: يجب على الآباء أن يكونوا صبورين ومتحملين، لأن التعامل مع خوف الطفل يحتاج إلى وقت وجهد.
الخوف جزء طبيعي من حياة الطفل، ولكن يمكن للآباء، من خلال الفهم والدعم، مساعدة أطفالهم على التغلب على مخاوفهم والعيش حياة سعيدة وصحية.