ما هي النرجسية؟
ما هي النرجسية؟ تستمد “النرجسية” اسمها من الأسطورة اليونانية التي تحكي عن الشاب الوسيم “نرجس” الذي وقع في حب صورته المنعكسة على سطح الماء حتى الموت.
ماهي النرجسية في علم النفس الحديث؟
وفي علم النفس الحديث، أصبحت النرجسية تمثل مفهوماً أوسع بكثير، يتراوح بين سمة شخصية موجودة بدرجات متفاوتة لدى الأفراد، وصولاً إلى اعتبارها اضطراباً نفسياً سريرياً يعرف باسم “اضطراب الشخصية النرجسية” (NPD).
هذا الاضطراب يتميز بوجود نمط شامل وثابت من العظمة المبالغ فيها، والحاجة المفرطة للإعجاب، وغياب التعاطف مع الآخرين، وهو ما سنستكشف جوانبه في هذا التقرير.
جوهر النرجسية.. قناع العظمة وراء تقدير الذات المتدني
في صميم اضطراب الشخصية النرجسية يكمن تناقض حاد: فالسلوكيات الظاهرة للشخص النرجسي تُوحي بالثقة المفرطة والتفوق المطلق، بينما تخفي داخلياً هشاشة شديدة في تقدير الذات.
النرجسي يشعر بأنه شخص فريد من نوعه ويستحق معاملة خاصة، ويبالغ في إنجازاته ومواهبه، لكن هذه العظمة هي في الواقع آلية دفاعية لحماية “الذات” الحقيقية الضعيفة والمتشككة.
ولعلّ أبرز ما يميز الشخص النرجسي هو الانشغال بأوهام النجاح غير المحدود، والقوة، والتألق، والاعتقاد بأنهم لا يمكن أن يفهموا إلا من قِبل أشخاص مميزين أو ذوي مكانة عالية.
هذا الشعور المبالغ فيه بالاستحقاق هو ما يدفعهم لتوقع الامتيازات التلقائية والامتثال لرغباتهم دون سبب وجيه، وإذا لم يحصلوا عليها، قد يصابون بنوبات من الغضب النرجسي أو الاكتئاب.
الأعراض السلوكية: دائرة الإعجاب والاستغلال وغياب التعاطف
تتجلى النرجسية في مجموعة من السلوكيات التي تُلحق الضرر بالعلاقات الاجتماعية المحيطة بالفرد. إن الحاجة المستمرة والمفرطة للإعجاب والثناء هي الدافع الرئيسي لكثير من تصرفاتهم. ونتيجة لذلك، نجد أن الشخص النرجسي غالباً ما:
1_ يستغل الآخرين لتحقيق مصالحه الخاصة دون أي شعور بالذنب أو الندم.
2_ يفتقر بشكل كبير إلى التعاطف، حيث يجد صعوبة بالغة، أو يرفض، التعرف على مشاعر واحتياجات الآخرين أو الاهتمام بها.
3_ يحسد الآخرين على نجاحهم أو ممتلكاتهم، وفي المقابل يعتقد أن الآخرين يحسدونه.
4_ يظهر سلوكيات متعجرفة وغطرسة. ويتعامل بتعالٍ مع من يعتبرهم أقل منه شأناً.
5_ لا يتقبل النقد على الإطلاق، إذ يُفسره على أنه هجوم شخصي، وغالباً ما يرد بالتقليل من شأن الناقد أو الدخول في جدال عنيف.
النرجسية وأنواعها.. الظاهرة والمستترة
لا تظهر النرجسية على وتيرة واحدة. بل يمكن تقسيمها إلى أنماط رئيسية. “النرجسية الظاهرة” (Overt) هي النوع الأكثر وضوحاً، حيث يتسم الشخص بالعظمة العلنية، والصراحة في التباهي، ومحبة الظهور، والغرور الواضح.
وعلى النقيض، هناك “النرجسية المستترة” (Covert). وهي الأصعب في الكشف. فالنرجسي المستتر قد يبدو خجولاً وحساساً للانتقاد.. ويتسم بالانطوائية. ولكنه يحمل داخله نفس أوهام العظمة والاستحقاق، ويعتقد أنه مظلوم أو غير مقدَّر. يستخدم هذا النوع التلاعب السلبي أو دور الضحية لجذب الانتباه والتعاطف الذي يشعر أنه يستحقه، ليحقق نفس الهدف النرجسي.
النرجسية تتطلب وعياً وحداً فاصلاً
على الرغم من أن سمات النرجسية قد تكون موجودة بدرجات بسيطة لدى كثير من الناس كنوع من الثقة بالنفس الصحية. فإن تحولها إلى اضطراب يتطلب تدخلاً علاجياً.
إن اضطراب الشخصية النرجسية حالة مزمنة قد يكون علاجها صعباً، لأن النرجسيين نادراً ما يعترفون بأن لديهم مشكلة، ويفضلون إلقاء اللوم على الآخرين. يتطلب التعامل مع الشخص النرجسي، سواء في العلاقات الشخصية أو المهنية. قدراً كبيراً من الوعي بحدود العلاقة. وضرورة وضع حدود واضحة وصارمة لحماية الذات من الاستغلال العاطفي والنفسي الذي يمارسه النرجسي لحماية واجهته الزائفة.
اقرأ: