كيف تُربي لاعب كرة محترف؟ نصائح من كابتن أحمد أكو
في عالم كرة القدم.. لا يقتصر النجاح على الموهبة الفطرية وحدها، بل يحتاج الطفل إلى بيئة داعمة، وتوجيه سليم منذ الصغر حتى يصل إلى أعلى المستويات. كابتن أحمد أكو، المدرب المخضرم وصانع النجوم، يشاركنا اليوم رؤيته حول كيفية تربية لاعب كرة قدم محترف منذ الطفولة، ويؤكد أن الدور الأكبر في هذه الرحلة يقع على عاتق الآباء قبل أي شخص آخر.
أسلوب حياة
يبدأ الكابتن حديثه قائلاً: “أول شيء يجب أن يدركه الأبوان هو أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي أسلوب حياة يحتاج إلى انضباط، وتخطيط، وتضحيات. الموهبة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى صقل يومي، وهذا يبدأ من المنزل قبل أن يكون في الملعب.”
أحد المفاتيح الأساسية التي يؤكد عليها الكابتن أحمد هو أهمية غرس حب اللعبة في الطفل منذ الصغر، دون إجباره على ممارسة كرة القدم لمجرد تحقيق حلم الأهل. فالطفل الذي يستمتع باللعب هو من يستمر فيه بشغف. بينما الطفل الذي يُجبر عليه سرعان ما يشعر بالملل أو الضغط. ولذلك، ينصح الآباء بأن يكونوا داعمين. لا ضاغطين. وأن يجعلوا كرة القدم مصدر متعة قبل أن تكون تحديًا.
الشغف وحده لا يكفي
لكن الشغف وحده لا يكفي، فالعادات اليومية لها دور كبير في بناء لاعب قوي بدنياً وذهنياً. “تخيل أن لديك بذرة مميزة، هل ستتركها تنمو دون رعاية؟ بالطبع لا!” هكذا يوضح الكابتن أهمية التغذية السليمة والنوم المنتظم، حيث أن جسم اللاعب الناشئ يحتاج إلى نظام غذائي غني بالبروتينات، والكربوهيدرات الصحية، والفيتامينات، مع تجنب الأطعمة الضارة مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية. كما يشدد على أهمية النوم المبكر، لأن النوم الجيد يساعد في تعافي العضلات وتحسين الأداء البدني.
أما عن التدريب، فيؤكد كابتن أحمد أن الالتحاق بأكاديمية محترفة منذ سن مبكرة هو خطوة ضرورية، ولكن الأهم من ذلك هو الالتزام والجدية في التدريبات. “يمكنك أن تلحق ابنك بأفضل أكاديمية في العالم، لكن إن لم يكن لديه الالتزام الكافي، فلن يتطور أبداً. التدريب ليس مجرد حضور إلى الملعب، بل هو جهد وتركيز في كل لحظة.” وينصح الآباء بعدم التسرع في رؤية النتائج، لأن تطوير مهارات كرة القدم يحتاج إلى سنوات من العمل المتواصل والصبر.
بناء شخصية اللاعب منذ الصغر
وفي جانب آخر، يشدد المدرب على ضرورة بناء شخصية اللاعب منذ الصغر. فإلى جانب المهارات الفنية، يحتاج اللاعب إلى صفات مثل الصبر، والانضباط، والثقة بالنفس. وهنا يأتي دور الأهل في تعليم الطفل كيفية التعامل مع الفوز والخسارة، وكيفية احترام الخصم، وتقبّل النقد والعمل عليه. فهذه الأمور لا تجعله لاعبًا أفضل فقط، بل شخصًا ناضجًا قادرًا على مواجهة التحديات داخل الملعب وخارجه.
وبسؤاله عن أهمية التوازن بين الدراسة وكرة القدم، يجيب الكابتن بحزم: “كرة القدم ليست عذراً لإهمال الدراسة. كثير من اللاعبين الكبار نجحوا أكاديميًا إلى جانب مسيرتهم الرياضية. يجب أن يكون الطفل منضبطًا في دراسته كما هو في الملعب، لأن الذكاء داخل الميدان يبدأ من الذكاء خارجه.” ويشجع الآباء على تعليم أبنائهم إدارة وقتهم بين التدريبات والدراسة، لأن الاحتراف لا يضمن النجاح الدائم، ويجب أن يكون للطفل بدائل وخيارات للمستقبل.
رسالة للآباء
قبل أن ينهي حديثه، يوجه كابتن أحمد رسالة أخيرة للآباء: “ابنكم لن يصبح ميسي أو رونالدو بين يوم وليلة، ولكن إن كنتم صبورين، داعمين، ومتفهمين، فأنتم تضعونه على الطريق الصحيح ليحقق حلمه. تذكروا أن دوركم ليس فقط توفير الأحذية والملابس الرياضية، بل أن تكونوا الداعم الأول، والقدوة، والمحفّز في رحلته.”
هكذا، يتضح أن تربية لاعب كرة قدم محترف ليست مجرد حلم، بل مسؤولية تتطلب الالتزام والصبر من الأهل قبل الطفل نفسه. وبينما يجتهد الصغير في الملعب، يجب أن يجتهد والداه في دعمه بالشكل الصحيح، لأن النجاح في كرة القدم، كما في الحياة، يبدأ من المنزل أولاً.